بقلم – محمد مقلد
طوال حياتى وأنا أمر بأيام صعبة للغاية تعرضت خلالها
لأمور غريبة قلما تحدث لشخص واحد فى كل مرحلة تمر عليه ، أمور لا يتحملها بشر ،
ولكن عناية الله وحده منحتنى القوة لأمر من مرحلة لأخرى وأخرج منها أكثر تماسكاً و
أشد صلابة ، ويزداد معها إيمانى بقدرة الله تعالى ، ويكفينى أن المبادئ والقيم
التى زرعتها بداخلى والدتى رحمة الله عليها ما زالت هى الترمومتر الذى يقودنى وسط
تلك الصراعات والأحداث ، وفى الوقت الذى يحاول فيه ضميرى أن يغفو للحظات ويدفعنى
لأنحرف عن المسار الصحيح ، تطاردنى صورتها لتعدل من مسارى مرة أخرى ، وتلك نعمة
أحمد الله عليها.
فالفترة الأخيرة كانت بالفعل الأيام الأصعب فى حياتى
كلها ، شاهدت فيها ، مالم أشاهده من قبل ، تصرفات وصفات وأشخاص وأحداث ترجمتها
أمامى لأرى أننا بالفعل فى الزمن الذى حذرنا منه رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه
وسلم ، الزمن الذى يُصدق فيه الكاذب ، ويُكذب الصادق ، ويؤتمن الخائن ويخوّن
الأمين ، زمن للأسف الشديد يضع فيه بعض المنافقين أيديهم على المصحف الشريف للقسم
وهم كاذبون ، زمن الشهادة الزور ، زمن يتصدر
فيه المشهد ، اللصوص والهلاسين والفاسدين والظالمين ، أما أصحاب المبادئ فأشخاص
شاذين فى هذا الزمن مخالفين لقواعد تلك البيئة المفسدة ، ولابد من اختفائهم من المشهد وإلقائهم فى أقرب
صندوق قمامة حتى لا يلوثوا بأفكارهم وأخلاقهم تلك البيئة التى تقوم أركانها على
طرد القيم والمبادئ والأخلاق التى زرعها بداخلنا إسلامنا الحنيف.
لقد شاهدت أشباه رجال قرونهم تناطح السحاب ، كرسوا وقتهم
وجهدهم فى مراقبتى ، ده راح الناحية دى ، ده مشى من هنا ، ده قابل فلان ، وأتكلم
مع علان ، ولا أعرف ألم يخجل مثل هؤلاء من أنفسهم ، وللحقيقة لابد أن أقدم لهم كل
التحية لأنهم ببساطة يقومون بدورهم على أكمل وجه ، فمثل هؤلاء الخانعين ، ضعاف
النفوس ويبحثون لأنفسم عن أدوار تجعلهم دائماً فى بؤرة الأحداث ، ولكنها للأسف
أدوار منحطة تعكس بيئتهم القذرة وتربيتهم الناقصة ، وأنا فى النهاية لا أبالى
بتصرفاتهم ، وأضحك داخل نفسى أشفاقاً عليهم وعلى المستوى المتدنى الذى وصلوا إليه.
لقد شاهدت بنفسى من حدد لنفسه هدف واحد فى الحياة ، أن
يظهر فى صورة دنجوان عصره وأوانه يطارد هذه ، ويحاول الاحتكاك بتلك ، شاهدته وهو
يخلق علاقات وهمية مع الشريفات على خلاف الحقيقة ، ليظهر فى دور مهند ، وكأن السمعة
السيئة فى مثل تلك الأمور المشينة ستخلق منه رجلاً ، وهو على علم أن كل من يتعامل
معه منهن ينظرن لهو على أنه أمرأة مثلهن لا يختلف عنهن فى شئ إلا ارتداء ملابس
الرجال وفقط ، وأنا أقدر دوره بصورة كبيرة لاسيما وأنه يستغله بإتقان يحسد عليه فى
النصب على بعضهن للهف أموالهن.
لقد تحولت بين يوم وليلة إلى " سوبر مقلد "
بما تحمله تلك الكلمة من معان ، فموقع فلان ..مقلد ، وموقع علان... مقلد ، ووكالة أسمهان
وراءها.. مقلد ، والبث المباشر.. مفيش غير مقلد ، والوكالة الألمانية يديرها ..مقلد ،
السى ان ان ، يسيطر عليها ..مقلد ، يا سلام
ده أيه اللى أنا فيه ده ، ده معلش لو أنا طائر بجناحين مش هأقدر أعمل ده كله لوحدى
، لقد تعرضت لضغوط رهيبة بالفعل خلال تلك الفترة ، وصلت لاتهامى بأننى رجل خائن
وقمت بمهمة جاسوسية من وراء البحار بإعداد تسجيلات صوتية تورط البعض فى قضايا فساد
، وأقسم بمن أنجبتنى ، ورب يوسف الذى رفع السماوات السبع أنا لا أتقن فن التسجيل وهاتفى غير
مدعم بتلك الخاصية ، وأخلاقى لا تسمح بمثل هذا التصرف الغير مقبول ، وأقسم بربى
أن الخيانة منهم فيهم ، والأيام وحدها كفيلة بأن تثبت صدق ما أقول.
لقد شاهدت أمام عينى ، أن الظالم صوته أعلى وطلباته
مجابه ، والدنيا تفتح ذراعيها على مصرعيها لتستقبله ليزيد من ظلمه وجبروته ، ومثل
هؤلاء تناسوا أن الله موجود " يمهل ولا يهمل " ولابد أن يأتى اليوم الذى
يستجاب فيه لدعوات المظلومين ، لقد شاهدت أمامى من يسرق ويستحل الحرام فى صورة البجح
الذى يخرج لسانه للجميع ويردد " أنا
حرامى وهأفضل حرامى واللى عندكم أعملوه " ، وعند الجد يخرج من تلك العباءة
ليتقلد دور المظلومية فى مسلسل درامى ، ممكن أن نطلق عليه اسم " دموع فى عيون
بجحة " .
يا سادة أقسم لكم بأن الواقع أشد مرارة مما تعرضت له
وشاهدته بنفسى ، و مما تنقله كلمات هذا المقال ، ومع كل ذلك لابد أن يكون لدينا
أيمان بأن الله هو العدل ، ويترك الحرامى يسرق والظالم يتجبر فى ظلمه ، ليزيد من
خطاياهم ليكون حسابهم عسير فى الدنيا قبل الآخرة ، والله
تعالى يقول فى كتابه الكريم
" وَلا
تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا
يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ" صدق الله العظيم