google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

ديل الكلب

 


 


بقلم – محمد مقلد



فى بعض الأحيان تجبرك ظروف الحياة وتقلباتها لتتواجد رغم أنفك داخل بيئة غريبة عليك ، لا تتفق مع طباعك وأخلاقك ، بيئة ملوثة بشخصيات باعوا أنفسهم لشيطان الأنا وحب النفس والبحث عن المصالح الشخصية ، وتجد نفسك فجأة وبدون مقدمات تدخل فى صراع اجتماعى رهيب ، تتعرض من خلاله أخلاقك وطباعك الفطرية التى تربيت عليها لكل أنواع الضغط وبكافة الطرق الممكنة وغير الممكنة ، وهنا ربما تنزلق قدماك تدون أن تدرى فى هذا المستنقع المخيف ، وتتلون صفاتك وأخلاقك بألوان هؤلاء الأشخاص ، فأما أن تكمل طريقك وتكون واحد منهم ، أو يستيقظ ضميرك فى الوقت المناسب ويختطفك من براثن تلك البيئة الموحشة  ليضعك مرة أخرى على الطريق الصحيح لتحافظ على مبادئك وطباعك الراسخة داخل أعماقك.

 

لهذا تجد نفسك منشغل بصورة كبيرة فى اختيار السبيل الذى يدفعك للابتعاد عن تلك البيئة الملوثة ، ولكن إلى أين المفر ،  فهناك أمور اجتماعية ونفسية ربما تكون وسيلة ضغط عليك لتتحمل ما لا يطيقه بشر من طباع وتصرفات أشخاص من أقبح ما خلق الله تعالى على وجه الأرض ، والأمر هنا لا يقتصر على الأشخاص الذين طفت صفاتهم البذيئة على السطح وأصبحوا معروفين لك ولغيرك ، ولكن الأصعب وجود البعض القليل الذى ترسم لهم صورة بأنهم مختلفون ولديهم من الأخلاق ما يجعلك تثق فيهم وتتعامل معهم بكل حب واحترام ، ولكن للأسف مع الوقت تكتشف أنهم لا يختلفون عن الآخرين ، ولكنهم أكثر حنكة فى التخفى وراء أقنعة مزيفة ، فتكون الصدمة التى تزيد من أعباءك النفسية للتعامل مع تلك البيئة المفروضه عليك.

 

وأنت هنا مجبر للتعامل معهم ، وربما تتعالى ضحكاتك وأنت تحادثهم ، وهذا كله من باب خلى المركب تمشى ، أهى ساعات وتعدى ، وبمجرد أن تنفرد بنفسك تشعر بالقرف والاشمئزاز منهم ومن طباعهم المقززة ، فبعضهم شغله الشاغل إرضاء أصحاب القرار بأى طريقة ، فهم من خنعوا خنوع العبيد وارتضوا لأنفسهم أن يتحولوا لجواسيس لنقل كل كبيرة وصغيرة تحدث ، حتى ولو كان ما ينقلوه سوف يتسبب فى إلحاق الأذى بزملائهم ، فهذا الأمر لا يعنيهم ، الأهم هنا المكاسب التى سيحصلون عليها .

 

ومثل هؤلاء الساقطون فى بئر الجاسوسية ، يدخلون السباق ويحاول كل متسابق منهم أن يفوز برضا أولى الأمر ، لذلك كل فرد منهم يتقن بشكل كبير مهنة البصاص ، التى كانت منتشرة فى عصر المماليك ، يراقب بدقة ، يتحرك هنا وهناك ، وبمجرد أن يصل لمعلومة يمسك الهاتف المحمول وبأصابع مرتعشة خوفاً من أن يسبقه غيره ، يهاتف صاحب القرار لينقل له المعلومة ، ويكون حريص ألا تكون المعلومة نيه ، بل يبرع فى طبخها ويغير مذاقها بوضع الفلفل والشطة ، لتخرج فى صورة تخدم مصالحه الشخصية ، ولما لا وهو يعلم أن هناك حمار سيأكل دون أن يتذوق ،  والغريب أن معظمها معلومات لا تغنى فى شئ ، ولكن هنقول أيه ، الطبع غلب التطبع كما يقولون ، لا وأيه بيحاول يتخفى وهو ينقل المعلومة حتى لا يراه أحد ، رغم أنه يعلم جيداً أنه ليس فى حاجة للتخفى فأمره مفضوح ولا يحتاج لمجهود لاكتشافه.

 

لا واللى يضحكك يا أخى ، أنك ممكن تلاقى جاسوس منهم بعد ما ينقل أى معلومة عن أى زميل له ، ويأتى صاحب القرار ويوبخ زميله أو يجازيه ، تجده أول من يذهب أليه ويقول له " هو بيعمل معاك كده ليه ، هو أنت عملت أيه يعنى غلط ، لا ما ينفعش بصراحة يعمل معاك كده ، أحنا فين هنا ، مين ابن الكلب اللى عرفه " لا وحياة أمك ، يا سلام على البراءة والطيبة ، شفتم بتوصل لفين بيسب أبوه بأنه كلب حتى يبعد عنه شبهة أنه باع زميله ، واللى يجننك أكتر ، إن لما أبن لهم وهم فى المنزل يفتن على شقيقه ، بكل بجاحه تجدهم ينهرون الابن ، وقال أيه بيحاولوا يفهموهم أن الفتنة حرام ، فعلاً اللى اختشوا ماتوا.

 

وتحت مظلة شبكة الجاسوسية يوجد أشخاص آخرين لكل منهم هدف وطباع مختلف ، فمنهم على سبيل المثال ، من يكرس كل جهده فى إبراز حلاوة لسانه وكلامه المعسول مع زميلاته من السيدات ، وهذا النوعية تبحث عن تحقيق هدف من اثنين  ، الهدف الأول محاولة لهف أموالهن على سبيل السلف طبعاً ، والفلوس دى فى العموم لا ترد إلا بفضيحة ، أو أنه يجد طريقه سالك بإشارة خضراء للوصول إلى أن يكون ثالثهم الشيطان ، وهو وحظه ، أهم شئ يطلع منها بأى حاجة والسلام.

 

وهذا لا يمنع أن هناك القليل بل القليل جداً ممن حافظوا على أنفسهم ، وأبوا ألا تلوثهم تلك البيئة المشينة ، وانتصرت أخلاقهم ومبادئهم ، ولم يرتضوا لأنفسهم أن يتحولوا لبهائم تساهم فى تدوير الساقية لخدمة أصحاب القرار أو أنفسهم ، وفى العموم مهما كان ذكاء هؤلاء الشياطين فالأيام تكشفهم الواحد تلو الآخر ، ويكون عقابهم عند الله فى الدنيا قبل الآخرة ، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل مثل هؤلاء لديهم القدرة على أن يعودوا لصوابهم قبل فوات الأوان ، بصراحة شديدة سؤال إجابته فى غاية الصعوبة ، فالأرجح هنا أن تنتصر مقولة " ديل الكلب عمره ما يتعدل "


 

اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد

   

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف