google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

المحطة الأخيرة


 


بقلم – محمد مقلد



النفس البشرية هى أخطر عدو يواجه الإنسان ، فمن يسلم عقله وقلبه لنفسه تفعل بهما ما تشاء ، يتحول بإرادته إلى تابع أسير لها ، ويبدو وكأنه عبد ذليل لنفسه ، تصرفاته وأفعاله وفقاً لما تأمره به تلك النفس الأمارة بالسوء ، والنتيجة أنه يصبح منقاد وراءها ينفذ أوامرها دون حتى أن يمنح عقله فرصة واحدة ليحلل أسباب ونتائج تلك الأوامر ، وغالباً من يسلم أموره لنفسه ، هو الشخص البعيد عن الله تعالى وقلبه يسكنه شيطان الدنيا ، فيسيطر عليه حب الأنا ، وتبهره مباهج الدنيا ومتاعها ، معتقداً أنها مزايا وستظل دائمة إلى ما لا نهاية.

 

الإنسان إذا أيقن أن الدنيا بالنسبة له ، عبارة عن قطار يمر من خلاله بعدة محطات حتى يصل لمحطته الأخيرة التى يسلم فيها الأمانة لصاحبها ، ويتحول لجسد بلا روح ، أعتقد وقتها بأنه لن يمنح لنفسه الفرصة لتتحكم فيه وتضعه على طريق الشيطان ، ويؤمن بأن الدنيا بالنسبة لأى إنسان ما هى إلا محطة وقت الانتظار فيها برهة من الزمن ، وسيجد نفسه فجأة أمام المحطة الأخيرة ، فيمر شريط الذكريات سريعاً أمام عينيه ويتذكر كل الأفعال والتصرفات السيئة التى كان بطلها خلال رحلته ، ويتمنى للحظة أن يعود القطار للخلف ، أملاً فى أن يبدأ الرحلة من جديد حتى يتلاشى تلك الأفعال ، ولكن للأسف هذا القطار بالذات من المستحيل أن يعود للخلف ، فقد قضى الأمر وانتهت الرحلة ، وما عليك إلا تحمل نتائج رضوخك لنفسك ، والغرق فى بحر شهوات الدنيا وملذاتها.

 

فنحن يا سادة نعيش فى عصر صعب للغاية ، فقد تلاشت كل اللغات وأصبحت لغة " الأنا " هى اللغة الرسمية لمعظم البشر ، ممن سيطرت عليهم أنفسهم بصورة مخيفة ، ففى مجتمع صغير لا يمثل شئ  عاصرت أحداث وظروف وتصرفات وأفعال تعكس مدى ما وصل إليه الإسلام لدى معظم من ارتضوا أن يدون فى خانة الديانة أنهم مسلمون ، لقد شاهدت بنفسى من يتقابلون والابتسامة تكسو وجوههم وبمجرد أن يديروا ظهورهم ، تتحول تلك الابتسامة الزائفة لسب ولعن ، وكأنهم ارتدوا وجوه أخرى فى ثوانى معدودة.

 

وهذا ما يدفعنى للرد على بعض الشخصيات التى حاولت أن تستفسر منى عن سبب مقطع الفيديو الذى نشرته مؤخراً ، ووصلت الأمور مع البعض إلى ضرورة أن أذكر أسماء هؤلاء ممن حاولوا استقطابى ، فأنا هنا لم أنظر لموقف الشخصين اللذين حاولا أن أكون سلاحهما للنيل من مسئول يعمل معهما فى نفس المؤسسة ، على أنها قضية فساد وأن هدفهما الرئيسى هو التصدى لهذا الفساد ، بل نيتهما كانت واضحة أمامى ، فهما يبحثان عن مكاسب شخصية من وراء تشويه صورة هذا المسئول ، فالأوضاع التى حدثونى عنها ، والمخالفات التى حاولوا إقناعى بها من واقع الأدلة والمستندات ، موجودة منذ تقلد هذا المسئول المنصب ، وكانوا ضمن من باركوا تصرفاته وأفعاله ، بل كانا متوجدين فى الصفوف الأولى يصفقان له ويمطرانه بكلمات المدح والطراء ، وأنه الجهبز التى لم تُنجب البشرية مثله ، فماذا حدث هل تحول فجأة إلى فاسد لابد من محاكمته ؟  وأقسم برب يوسف لا أحد فاسد غيرهم.

 

ما أذهلنى فى هذا الموقف ، علاقتهما مع هذا المسئول منذ قدومه للمؤسسة وقربهما منه ، واستغلاله بصورة كبيرة من أجل مصالحهما الشخصية ، وتشهد الأيام بأنهما استفادا منه بكافة الصور والأشكال ، وبعد أن انهيا كلامهما معى وانصرافهما ، جلست مع نفسى أضحك بسخرية على حال الدنيا وما وصل إليه معظم البشر من صفات تصبغها الخيانة والطعن فى الظهر حتى لأقرب الناس ، أنها غابة يا سادة ، لا تعرف مبادئ ولا أخلاق ، فالوجوه تتبدل حسب المواقف والأشخاص.

 

نعم الوجوه تتبدل حسب المواقف والأشخاص ، فصاحب أى منصب يجد من يلتفون حوله ، ويهتفون باسمه ، ممن يطلق عليهم " بطانة السوء " فمثل هؤلاء هدفهم الرئيسى أن يقدموا فروض الطاعة والولاء بطريقة مدروسة تجعل صاحب المنصب يتوهم أنهم يحبونه ويقفون خلفه ، فيثق بهم ثقة عمياء ، وتتحول قراراته بحكم منصبه إلى قرارات تخدم مصالحهم ، وفى طريق ذلك يدهسون بلا رحمة أو هوادة على زملائهم ، فلغة الأنا والمصلحة الشخصية صاحبة الكلمة العليا هنا ، حتى يأتى اليوم الموعود الذى تسقط فيه كل الأقنعة ، عندما يترك صاحب المنصب موقعه لأى سبب ، ويجلس فى مقاعد المتفرجين يشاهد من كانوا يتكالبون حوله ويبحثون عن إرضاءه ، يلهثون خلف من سيحل محله ، ولا مانع هنا لديهم بحكم أخلاقهم الخربة ، أن ينالوا من سمعته والإساءة إليه ، ليضعوا اللبنة الأولى التى تساعدهم فى كسب ثقة المسئول الجديد ، أنهم يا سادة يرفعون شعار " عاش الملك .. مات الملك " ، يحضرون عزاء كلب المسئول ، وإذا مات المسئول فلا عزاء له عندهم.

 

وهذا يدفعنى للرد على أحد الأشخاص ممن يتساءل لماذا أنا أبتعد عنه وأتجنبه خلال الفترة الأخيرة ؟ ، مع أن الإجابة على سؤاله واضحة أمامه ويعلمها علم اليقين ، ولكنه يكابر ، فكيف لى أن أثق فى شخص استغل ظروف قهرية تعرض له زميله ليشارك فى مخطط القضاء عليه من أجل أن يتصدر هو المشهد ، وتناسى أن الله تعالى يمهل ولا يهمل ، وهناك يوم موعود لابد له أن ترد المظالم لأصحابها مهما طالت فترة هذا الظلم ، فالله تعالى اسمه "العدل" فكيف للظلم هنا أن يستمر؟  ألم يسأل نفسه أنه خطط من أجل النيل من بعض زملاءه بصورة وحشية مستغلاً من يساعده على ذلك ، أليس لديه عقل ليفسر سبب كراهية معظم الناس له ، لماذا لا يتذكر أنه حاول الإساءة لبعض السيدات بتصرفاته الغريبة ، وبالحديث عن بعضهن بصورة تشوه صورتهن ، ليظهر بصورة الدنجون دون أن يلتفت إلى مقولة " كما تدين تدان " ، و.... و...و....و ، ولكن يبدو أن شيطان نفسه أعمى عينيه ، وليس أمامى هنا إلا أن أدعو له بالهداية ، لعل وعسى.

 

وما زاد من صعوبة ما يدور حولى ، تلك الشخصية التى حاولت إغرائى بالمال من أجل أن أسلمه أدلة تدين أحد أصحاب القرار ، وللأسف الشديد أعتقد أننى سوف أرضخ لطلبه بسبب المال ، فالحمد لله لقد تعرضت خلال الفترة الماضية لتجربة مريرة لا يتحملها بشر ، خرجت منها بدروس وضعتنى على الطريق الصحيح ، وأصبحت أنظر للمال بأنه وسيلة للستر لى ولعائلتى وليست غاية ألهث وراءها تحت أى ظرف ، فأنا فى النهاية أبحث عن المحبة والمعاملة الحسنة والإيخاء بين الجميع ، ونترك المستقبل لمدبر هذا الكون ، ولكنى للأسف أيقنت أننى أسبح ضد تيار أمواجه عاتيه ، ومهما قاومت سيكون مصيرى الغرق لا محالة ، الناس بالفعل فى حاجة إلى ابتلاء قوى من الله تعالى لعلهم يفيقون مما هم فيه ، ويؤمنون بصدق أن الدنيا زائلة بحلوها ومرها مهما طال بهم العمر ، وأنهم سيصلون لا محالة للصفحة الأخيرة من " كتاب العمر "


اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف