كتبت – مى ناصر
قطاع البترول من القطاعات الحيوية والهامة التى يعتمد عليها الاقتصاد
المصرى ، ومع قدوم المهندس كريم بدوى لتقلد منصب وزارة البترول ، واجهته بعض
الصعوبات وتفاجئ بسياسات غريبة داخل عدد من الشركات ولاسيما شركات القطاع العام ،
حيث بدا أمامه الهيكل الوظيفى داخل تلك الشركات يشوبه خلل واضح ، بدأ ينهش فى جسد
تلك الشركات منذ سنوات مضت ، فضلاً عن عدد العمالة الزائد عن الحد.
فالهرم الوظيفى داخل تلك الشركات لا تستطيع أن تحدد له قاعدة من رأس أو حتى
زوايا ، فمع وقف التعيينات داخل شركات البترول منذ أكثر من عشر سنوات ، لحل أزمة
تراكم العمالة بدون مبرر ، بدت تطفوا على السطح مشاكل بالجملة ، نتيجة للائحة عفى
عليها الزمن وتحتاج إلى تدخل من المهندس كريم بدوى لتغييرها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
من خلل وظيفى واضح.
فمعظم شركات القطاع العام وعلى رأسها شركات البترول ، الترقيات الوظيفية
بها تحمل مشكلة موقوتة تنتظر الانفجار بين الحين والآخر ، حيث تبين أن معظم
العاملين بتلك الشركات خلال السنوات القليلة القادمة سوف يتم ترقيتهم إلى منصب
مدير عام مساعد ، وهى ترقية تحمل بين طياتها انتهاء دور هؤلاء العاملين ووضعهم
داخل الثلاجة سواء برغبة منهم ، أو بأوامر من أصحاب القرار ، وهنا تظهر الأزمة ،
عندما يتحول القطاع الأكبر من الموظفين بتلك الشركات لهذا المنصب ستتساوى كافة
الرؤوس ، وتجد نفسك أمام أزمة حقيقية ، فمن سيكون صاحب القرار هنا ؟ ، ومن سيقوم
بدوره ؟ ، ومن أين سنوفر موظفين للقيام بالأعمال.
الأمر بالفعل يحمل مشكلة حقيقية ، فالمسألة ليست متعلقة بالترقيات وفقط ،
وأسماء لمناصب لا جدوى منها ، والحل الأمثل فى تلك النقطة ، أن يتم إلغاء تلك
الترقيات ، ولا يتم ترقية مدير الإدارة بالإدارة إلى مدير عام مساعد ويظل كما هو
بنفس المسمى ، وعقب مرور السنوات الثمانية للترقية ، يتم ترقيته بمسمى مثلاً
" مدير إدارة ممتاز " ويحصل بموجب ذلك على العلاوات والامتيازات المادية
التى يبحث عنها الجميع ، وبالتالى يظل يندرج فى السلك الوظيفى تحت سلطة مدير
الإدارة الذى تم تسكينه على الوظيفة الرئيسية ، وبذلك يستمروا فى أعمالهم دون
وضعهم فى الثلاجة.
أما بالنسبة لمدير الإدارة المثبت على الوظيفة ، فيظل كما هو فى درجته
الوظيفية حتى يصل مدير القطاع الذى يرأسه لسن التقاعد ، ويتم تصعيده ليشغل منصبه ،
وتصعيد مدير إدارة آخر بديلاً له ، فالأمر ليس بالمسميات الوظيفية فقط ، فلن يضير
العامل أن يبلغ سن التقاعد وهم يطلقون على مسماه الوظيفى مدير إدارة أو مدير عام
مساعد ، أو حتى خبير مدير عام ، الأهم هنا حصولهم على علاوات الترقيات فى موعدها
وفقط ، وبالفعل هناك بعض الشركات تتبع تلك السياسة ومن بينهم شركة مصر للبترول على
سبيل المثال.
أما الخلل الواضح داخل السلك الوظيفى بشركات البترول ، أن الترقيات على
المناصب من مدير إدارة حتى مدير عام ومروراً بمدير قطاع ، تعتمد فى المقام الأول
على الأقدمية فى التعيين داخل الشركة وهو أمر بصراحة شديدة يتسبب فى انهيار منظومة
العمل ، فكيف لعامل على سبيل المثال يظل لسنوات لا يفقه أى شئ عن العمل ولمجرد أن
جاء عليه الدور بسبب أقدميته يسند له منصب ليصدر القرارات ويتحكم فى سير العمل وهو
فى الأساس يجهل كل ما يتعلق بالعمل ، بالفعل أمر غريب ، فلابد أن تكون الترقية
للمناصب القيادية بالكفاءة وليس بالأقدمية.
أما بالنسبة للهيكل الوظيفى داخل الإدارات العامة نفسها بتلك الشركات فحدث
ولا حرج ، انهيار تام ، فهذا عامل مسكن فى الأساس بإدارة " س " على سبيل
المثال ، ويعمل بإدارة " ص "
وآخر مسكن بإدارة " ص " يعمل بإدارة " ع " وهكذا ، منتهى
العشوائية التى تؤثر بصورة كبيرة على سير العمل بشكل منتظم.
والسبب الرئيسى فى ذلك ، أن النقل
بين تلك الإدارات للأسف الشديد يتم بطريقة شفوية من صاحب القرار دون دراسة ودون
حتى قرار صادر بشكل رسمى يبين طبيعة عمل كل موظف وأصبحت الأمور " لبن ، سمك ،
تمر هندى " والسبب الرئيسى فى ذلك يرجع لسببين ، أما أن صاحب القرار يبحث عن
تكدير موظف فينقله من إدارته لإدارة أخرى ، أو يقوم بذلك لمجاملة البعض ، وكله
بشكل شفوى دون اتباع الإجراءات الرسمية فى هذا الشأن.
الأمر بالفعل غريب ويحتاج لتدخل وزير البترول ، لإعادة النظر فى لائحة القطاع وتغييرها بما يواكب تطور العصر
والتغيرات المحيطة ببيئة العمل لإنقاذ الهيكل الوظيفى ، وإصدار تعليمات صارمة
للشركات بأن النقل بين الإدارات يكون وفق حاجة العمل وبشكل رسمى ، ولا يتم بشكل
عشوائى وفقاً لرغبات صاحب القرار.