كتب – محمد مقلد
أصبحت
القارة السمراء تمثل تهديداً أمنياً خطيراً في ظل تكثيف الجماعات الإرهابية من
نشاطها خلال عامى 2024 والعام الحالى ، وتمددت تلك الجماعات المتطرفة بصورة مخيفة
وخاصةً بمنطقة الساحل بغرب أفريقيا ، وتعتبر جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة
لتنظيم القاعدة الأكثر نشاطاً بالمنطقة خلال الفترة الأخيرة ، حتى وصلت الأمور إلى
محاصرة تلك الجماعة العاصمة المالية باماكو ، والتى تنتظر السقوط في أيديهم خلال
الفترة القليلة المقبلة.
![]() |
| الجيش المالى يحاول صد هجمات الإرهاب |
وتعددت
المسميات للجماعات الإرهابية التاى تنتمى لتنظيم " القاعدة " من بينها
ثلاث جماعات منبثقة من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ، وهناك جماعة " حركة
الشباب " الصومالية ، وغيرها من الجماعات المتطرفة المنتشرة بالمنطقة ، فضلاً
الجماعات المتطرفة التى تشط بالمنطقة والتابعة لتنظيم " داعش
" والتى تنشط بصورة واضحة بمنطقة الصحراء
الكبرى ، ودولة النيجر ، ويأتى على رأسها جماعة بوكا حرام بنيجيريا وتشاد.
وتصدر تلك الجماعات المتطرفة المخاوف لدول شمال
أفريقيا في ظل توسع نشاط تلك الجماعات خلال الفترة الأخيرة ، وتمددها بصورة مخيفة في
ظل الضعف الأمنى والمناطق الوعرة التى تساهم في توسيع نشاطها التطرفى ، بهدف
السيطرة على مناجم الذهب واليورانيوم بالمنطقة وتحقيق أهدافها التنظيمية.
وزاد
من تلك المخاوف ، نجاح الأمن الليبى مؤخراً من تفكيك 3 تنظيمات إرهابية بمدينة سبها الليبية ، من
بينها حركة تبين تمددها من الساحل
الأفريقى ، تطلق على نفسها حركة "
نصر " ، مما يهدد مع اتساع نشاط تلك الجماعات المتطرفة جميع الدول بالشمال
الأفريقى ومن بينها مصر .
وفى
المقابل بدا اهتمام الولايات المتحدة
الأمريكية بما يدور في مالى ، من خلال اتصال هاتفى أجراه ، وزير خارجية مالي مع نائب وزير الخارجية الأمريكى كريستوفر لانداو ، في
الرابع من نوفمبر الجارى ، أثنى من خلاله على الجيش المالي ، وطالب وزير الخارجية المالى
خلال المكالمة ، بتعاون الولايات المتحدة
مع مالى ، لوقف تهديد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ، علماً بأن
الحكومة المالية نفسها كانت رافضة تدخل خارجى في قضيتها ولا سيما من الجانب
الأمريكى ، وذلك عندما رفضت تواجد قوات خاصة من أمريكا خلال العام الماضى ، ولكن
الوضع تغير بعدما بات التنظيم على مشارف العاصمة باماكو.
هذا
بخلاف أن الحكومة المالية تعرف جيداً ، أن الاهتمام الأمريكى بالقضية غير نابع في المقام
الأول بوقع زحف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ، بقدر الطمع الأمريكى بالثروات
المالية ، والتى تضم على أرضها ثالث أكبر
منجم ذهب في أفريقيا ، بجانب ما تم كشفه مؤخراً من آبار ضخمة للنفط بمدينة توديني شمال مالى ، الأمر الذى يؤكد على
احتمالية تواجد قاعدة عسكرية أمريكية بمنطقة الساحل الأفريقى ، ولكن السؤال الذى
يطرح نفسه ، هل بالفعل ستتحرك الولايات المتحدة على الأرض لبناء قاعدة عسكرية في مالى
، أم تحاول أن تستخدم تلك القضية للضغط على روسيا والصين؟
مصادر
التمويل تساعد الإرهاب
تعدد
مصادر التمويل للجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل الأفريقى ، يؤكد أن تلك الجماعات
سوف تشهد تمددها وتناميها بصورة مفزعة خلال الفترة المقبلة ، لاسيما في ظل الضعف
الأمنى الذى يسيطر على دول المنطقة وعجزها عن قطع خطوط تلك الإمدادات ، وتعتبر
تجارة المخدرات المحور الرئيسى في تمويل الجماعات الإرهابية بالساحل الأفريقى ، ويساعدهم في ذلك تلك المساحات الشاسعة والحدود
غير المؤمنة بالقارة الأفريقية ، مما يساهم في تهريب المخدرات إلى الأسواق ، ولا
سيما مخدر الكوكايين الذى يتم تهريبه لقارة أوروبا.
كما
تعتمد تلك الجماعات الإرهابية في زيادة مواردها المالية على " الاختطاف
" والتي تعتبر من أهم المحاور التى
تعتمد عليها الجماعات الإرهابية في
إفريقيا ، حيث تستهدف هذه الجماعات شخصيات أجنبية من العاملين سواء بالشركات
العالمية المتنوعة، المنظمات الحقوقية ، وهذا ما أكد أخر تقرير صادر عن مكتب الأمم
المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ، حيث كشف التقرير ، أن الفترة من عام 1970م
إلى 2010م ، زادت فيها حوادث الاختطاف عن
طريق الجماعات المتطرفة بنسبة وصلت إلى 6,9%
من إجمالي الهجمات الإرهابية عالميًّا، وكشف التقرير أنه بحلول عام 2016م ، ارتفعت
هذه النسبة بشكل كبير لتصل إلى 15,8%، مما يعكس تزايد اعتماد هذه التنظيمات على الاختطاف
كونه وسيلة لتنمية مواردها المالية.
كما
تعتمد التنظيمات الإرهابية في مصادر تمويلها على فرض الرسوم والضرائب، ، حيث تستغل التنظيمات الإرهابية ضعف الحكومات
والغياب الأمنى لفرض الاتاوات والضرائب على المواطنين ، تحت ادعاء أنها مقابل
الحماية أو زكاة ، وتعتبر حركة الشباب الصومالية على رأس الجماعات الإرهابية التى
تعتمد على فرض الاتاوات والضرائب ، حيث تفرض
الحركة على الشركات والمزارعين دفع مبالغ مالية دورية، بدعوى أن تلك الأموال يتم
تحصيلها منهم لخدمة الإسلام ، كما تعتمد التنظيمات الإرهابية على الدعم والتبرعات
الخارجية لتنمية مواردها المالية ، وذلك عن طريق جهات ودول خارجية ، وتصل إليهم
تلك التبرعات في صورة مساعدات من مؤسسات وجمعيات خيرية وحقوقية.
