كتب – محمد مقلد
تعلم إسرائيل أن دول أفريقيا السمراء ، كنز لابد من
استغلاله أفضل استغلال والتوغل بداخله والتسلل لتلك الدول بكافة الطرق للاستفادة
منها على جميع الأصعدة سواء اقتصادياً أو سياسياً ، ولجأت إسرائيل خلال خطتها
لاختراق الدول الأفريقية على ثلاث وسائل هامة ، تتمثل فى الأمن والسلاح ، والزراعة
والصحة ، ونجحت إسرائيل من خلال تلك الوسائل فى التسلل للدول الأفريقية.
![]() |
| الدكتورة مايا اليهودية خلال بعثتها لدولة مالاوى |
فمن الناحية الأمنية ، كشفت دراسة خاصة بإحدى الأكاديميات
فى إسرائيل بخصوص مبدأ الأمن القومي الإسرائيلي ، حيث اقترحت الدراسة ، ضرورة أن تقوم
إسرائيل بتدريب المهاجرين الأفارقة لها من اليهود الإثيوبيين والمهاجرين غير
الشرعيين داخل إسرائيل وإعادتهم إلى دولهم الإفريقية مرة أخرى.
وأوضحت الدراسة
أنه سيتم استغلال هؤلاء العائدين إلى بلادهم بعد تدريبهم على أعلى مستوى لتشكيل
شبكات تجسس محلية داخل الدول الإفريقية تعمل لصالح الموساد الإسرائيلى ، وأشارت
الدراسة إلى أن هناك سبع دول إفريقية
تستخدم أدوات التجسس السيبراني الإسرائيلية للتجسس على المكالمات والرسائل النصية
ومواقع هواتف الشخصيات الهامة في مختلف القطاعات داخل تلك الدول.
وفى مجال الصحة ، استغلت إسرائيل حالة الفقر التى تعانى
منها معظم الدول الأفريقية ، وبدأت تتوغل بداخلها عن طريق تقديم خدمات صحية لتلك
الدول ، بداية من إنشاء مراكز صحية وإرسال بعثات طبية لتلك الدول ، فضلاً عن مساعدتها
بكميات كبيرة من الدواء ، ويتضح ذلك بصورة كبيرة فى دولتى شمال السودان وأثيوبيا.
وكان آخر مهمات إسرائيل الصحية بأفريقيا ، ما قامت به الدكتورة
مايا كالبلاندوي ، رئيسة خدمة الزرق في المركز الطبي فولفسون الاسرائيلي من مهمة
ضمن بعثة طبية لمنظمة “عين من صهيون” فى دولة مالاوي ، وهى بعثة هدفت إلى تقديم علاجات عيون
متقدمة في مكان يكاد ينعدم فيه الوصول إلى طب متطور.
خلال تلك المهمة، قامت الدكتورة كالبلاندوي ، بفحص وعلاج مرضى يعانون من الزرق في مراحل متقدمة، وإجراء عمليات زرق وإعتام عدسة (كتاراكت) ، وتقديم علاجات ليزر، وتدريب طواقم طبية محلية لتمكينهم من مواصلة تقديم الرعاية بعد انتهاء مهمة البعثة ، وأظهرت الفحوصات اللاحقة أن جميع المرضى
الذين تلقوا العلاج بما في ذلك الحالات الأكثر تحدياً في تحسن واضح.
كما استغلت إسرائيل الزراعة لتجد لها متنفس داخل الدول
الأفريقية ، حيث لجأت لمجال الاستثمار في
الأراضي الزراعية بأفريقيا ، خاصة في دول مثل كينيا وإثيوبيا وأوغندا، لزراعة
محاصيل تصديرية مثل الزهور والفواكه والخضروات، مستغلة خبراتها في الري
والتكنولوجيا الزراعية ، وتهدف لتأمين الغذاء والسيطرة على موارد القارة ، وتتضمن
استثماراتها أيضاً في قطاعات أخرى مثل المياه والتعدين والتقنية.
فقد استغلت إسرائيل دولة مثل كينيا لزراعة الزهور وتصديرها لدول أوروبا ، ، بجانب زراعة مساحات كبيرة بدولة إثيوبيا ،
والتدخل الإسرائيلى واضح فى بناء سد النهضة سواء من خلال التمويل أو مد إثيوبيا
بخبرات عالمية فى مجال إقامة السدود ، ومن المعروف أن هناك استثمار كبير وتواجد
تاريخي للسكان اليهود بأثيوبيا والدذين يطلق عليهم (بيتا إسرائيل).
وفى دولة السودان ولا سيما جنوب السودان فقد قامت إسرائيل بمشروعات استثمارية كبيرة فى زراعة
الأراضى و وتأسيس مصانع للأسمدة ، كما توغلت إسرائيل داخل دول شرق أفريقيا الأخرى ،
وعلى رأسها أوغندا والصومال ، وقامت
بالاستثمار بتلك الدول و لا سيما فيما يتعلق بزراعة القات أو الموارد الأخرى.
خلاصة القول ، أن الزراعة كانت وما زالت من أهم النشاطات
الاستراتيجية ، التى ساهمت فى زيادة التغلغل الإسرائيلي داخل أفريقيا، مدفوعة بالحاجة إلى موارد طبيعية
وأسواق وتوسيع النفوذ الجيوسياسي.
