google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

روسيا تستغل سلاح النيجر فى حربها بأوكرانية

الشعب النيجرى رفع العلم الروسى عقب الانقلاب وتغنى باسم بوتين




 

تقرير - محمد مقلد 



الدب الروسى يسير بخطوات ثابتة فى سياسته الخارجية ، ويتقدم يوماً تلو الآخر لبسط سيطرته ونفوذه بشكل واضح على معظم المناطق التى تشهد صراع سياسى مع الولايات المتحدة وحلف الناتو ، يساعدها فى ذلك أن الظروف والتحولات السياسية المفاجئة فى بعض المناطق تصب فى مصلحتها  ، وتقدم لها تسهيلات فى طريق تمددها وبسط نفوذها .



روسيا تستغل سلاح النيجر فى حربها بأوكرانية
المجلس الانقلابى



 فإذا كانت الحرب الروسية على أوكرانيا ، قد شهدت بعض العراقيل التى وضعت أمام الجيش الروسى ، بفعل المساعدات العسكرية التى تقدمها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربى للجانب الأوكرانى ، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية على روسيا ،  حتى يصمد الجيش الأوكرانى أمام التقدم الروسى ، فإن المؤشرات الأخيرة تؤكد أن أوكرانيا تهاوت قواها ، و أصبحت على أبواب السيطرة الروسية ، والمسألة لا تتعدى بعض الوقت فقط.

 

ولايخفى على أحد ، أن الدب الروسى ، حقق العديد من المكاسب من جراء حربه على أوكرانيا ، أهمها على الإطلاق ، أنه أصبح يمسك بخيوط اللعبة السياسية كاملة ، وجاء الانقلاب العسكرى الأخير بدولة النيجر بالساحل الأفريقى ، ليمنح الضوء الأخضر للرئيس بوتين ، ليلاعب الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا كما يشاء ، وربما يكون لروسيا دور كبير فى هذا الانقلاب الذى يصب فى مصلحتها ، على اعتبار أن مجموعات فاغنر الموالية لروسيا تتواجد بشكل مكثف بالمنطقة ، ولاسيما بمالى وبوركينا فاسو والسودان وليبيا.

 

ومهما كان سبب هذا الانقلاب سواء كان للجانب الروسى دوراً فيه من عدمه ، فالحقيقة أن هذا الانقلاب العسكرى ، تحول لسلاح جديد فى يد الروس ، حتى فى حربها على أوكرانيا نفسها ، وأصبحت النيجر وسيلة ضغط من جانب الروس على الاتحاد الأوربى والولايات المتحدة ، بعدما شهد الانقلاب النيجرى ، رفع العلم الروسى بالعاصمة النيجرية ، ووصلت الأمور إلى الهتاف باسم الرئيس بوتين وكأنه منقذ للبلاد ، فى المقابل يشهد التواجد الفرنسى بالنيجر تقلص واضح ، بعدما أعلن الانقلابيون ، أنهم ضد التواجد الفرنسى بدولة النيجر ، متهمين إياها ، بأنها دولة استعمارية كل همها نهب الثروات الاقتصادية والطبيعية بالنيجر ، والتى تعتمد عليه فرنسا بشكل شبه كامل لمشروعات المفاعلات النووية لديها وانتاج الطاقة والكهرباء


 

روسيا تمسك بخيوط اللعبة وأمريكا فى مأزق


 

أعتمد التواجد الأمريكى الفرنسى فى المقام الأول بدولة النيجر على محاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة ، وتواجد مجموعات من الجنود الأمريكان والفرنسيين بالنيجر من أجل هذا الهدف ، الذى لم يحقق أى تقدم ملحوظ فى هذا الشأن ، بل شهد تمدد وتواجد أكبر للجماعات الإرهابية ، ولاسيما لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة ، بجانب وجود كبير لتنظيم " داعش "

 

 حيث اتهم بعض المسئولين عن الانقلاب العسكرى بدولة النيجر ،  فرنسا ومن وراءها الولايات المتحدة ، ممن يدعون محاربة الإرهاب ، أنهم تعمدوا ترك جماعات الإرهاب المسلح  تتمدد بدول الساحل ، وتنشط بشكل ملحوظ على الحدود النيجرية مع دول الجوار ، لأن تمدد الجماعات الإرهابية وتواجدها سيمنح فرنسا وأمريكا الشرعية الكاملة  لتواجد قواعدهم العسكرية وقواتهم على أرض النيجر، بدعوى محاربة الإرهاب ،  وتواجدهم فى حقيقة الأمر ، كما أكد الانقلابيون ، لاستكمال مسلسل نهب ثروات النيجر من يورانيوم ودهب ومعادن ونفط .

 

وعندما بدأ مسئولو الانقلاب العسكرى يطالبون فرنسا بسحب قواتها من النيجر وإجلاء جميع رعاياها ، وجدت روسيا الطريق ممهد أمامها لتكون بديل استراتيجي هام ، بتقديم أولاً خدماتها فى مواجهة الإرهاب بالمنطقة ، والاهتمام بجانب المساعدات الإنسانية والاقتصادية للشعب النيجرى ، والتى أهملها الجانب الفرنسى لسنوات عديدة ،  مما يحقق أهدافها السياسية والاقتصادية والعسكرية ، فى ظل تواجد أعداد كبيرة من مجموعة فاغنر التابعة لهم بالمنطقة ، وبدت روسيا وكأنها مهدت لتلك الخطوات ،  عقب المؤتمر الروسى الأفريقى بحضور 53 دولة أفريقية فى يوليو الماضى ، وبموقف النيجر أصبحت روسيا شبه مهيمنة على المنطقة بالكامل بعد سيطرتها على مالى وبوركينا فاسو عقب الانقلابات التى حدثت بالدولتين خلال العامين السابقين .

 

ومن جانبها حاولت الولايات المتحدة الأمريكية ، إنقاذ هيبتها وهيمنتها على المنطقة ، فى ظل تراجعها خلال الفترة الأخيرة ، بتكثيف محاولاتها مع الانقلابيين ، للإفراج عن الرئيس المنتخب محمد بازوم و المحتجز هو وأسرته تحت الإقامة الجبرية  ، وإرسال وفد أمريكى للتشاور حول هذا الأمر ، ولكن كل المحاولات الأمريكية باءت بالفشل ، والتى صرفت ملايين الدولارات لإقامة قواعد عسكرية بالنيجر وتقديم مساعدات مالية كبيرة وصلت لأكثر من 150 مليون دولار ، لإعداد الجيش النيجرى.

 

 وهذا ما دفع بعض المسئولين وأعضاء بالكونجرس الأمريكى بمطالبة الرئيس بايدن ، بإيقاف المساعدات المالية للجيش النيجرى ، وهو ما رفضه بايدن ، خوفاً من تدخل الجانب الروسى لتقديم المساعدات العسكرية للنيجر ، ومدها بالأسلحة ، لاسيما وأن روسيا تعتبر أكبر مورد للأسلحة بأفريقيا ، حيث تورد ما يقرب من 35% من الأسلحة للدول الأفريقية.

 

و زاد من المخاوف الأمريكية ، تلك الزيارة التي قام بها  الجنرال ساليفو مودي، أحد أهم العسكريين الذى قاد انقلاب النيجر إلى دولة مالي ، حيث تتمركز عناصر فاغنر الروسية ، ولقاءه بقادة المجموعة هناك ، مما يؤكد أن الانقلابيين سوف يعتمدون على مجموعات فاغنر خلال الفترة المقبلة ، بما يوحى بسيطرة الدب الروسى على الوضع بشكل شبه كامل .


 

روسيا تستغل سلاح النيجر فى حربها على أوكرانيا



فعلاً الدب الروسى يدير الأمور بذكاء وبدقة ، فقد استغل الجانب الروسى تقليص الدور الفرنسى الأمريكى بالنيجر ، ومن قبله بمالى وبوركينا فاسو ، للرد على أمريكا ودول الاتحاد الأوربى ، فيما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا عقب حربها على أوركرانيا ، حيث وجدت روسيا بتلك الأحداث الجارية بالساحل الأفريقى ، مجالاً جديداً للتوسع الاقتصادي والاستفادة من اليورانيوم والذهب والنفط بدولة النيجر ، مما يعوضها عن هذا الحصار الذى فرض عليها ، لاسيما وأن المجلس العسكرى الانقلابى بالنيجر ، أعلن وقف تصدير اليورانيوم والذهب لفرنسا ، وباتت روسيا الأقرب للانقضاض على تلك الثروات الطبيعية الثمينة ، والتى سبقتها إليها حليفها الأول الصين بعقد عدة مشروعات اقتصادية بالنيجر.



روسيا تستغل سلاح النيجر فى حربها بأوكرانية
بوتين



أما النقطة الأهم بالنسبة لروسيا لاستغلال سلاح النيجر فى حربها على أوكرانيا ، أن مشروع مد خطوط أنابيب الغاز من نيجيريا إلى دول الاتحاد الأوربى ، أصبح مهدد بالفشل ، مع أهميته القصوى لعدد من الدول الأوربية ،  وهو الذى يمر عبر النيجر والمغرب وغيرها ، حتى يصل لدول الاتحاد الأوربى عن طريق أسبانيا ، والذى صدر بناءً عن مذكرة التفاهم التى وقعت عليها دول " إيكواس " خلال شهر يونية من عام 2022 ، ليكون خط لإمداد دول أوربا بالغاز ، وبديلاً عن الغاز الروسى عقب حربها على أوكرانيا فى فبراير من عام 2022 ، ويعد ايقاف مثل هذه المشروع ضربة قاسمة لدول الاتحاد الأوربى ، وورقة مهمة للغاية فى يد الدب الروسى ، يستطيع أن يستخدمها فى المساومة فى حربه على أوكرانيا.

 

 

ولم تتوقف المكاسب الروسية من انقلاب النيجر فى حربه على أوكرانيا عند هذا الحد ، فقد استغلت روسيا ، اتفاقية تصدير الحبوب الموقعة مع الجانب الأوكرانى وتركيا ، تحت مظلة الأمم المتحدة ، والتى تقضى بالسماح بالسفن التجارية الأوكرانية المحملة بالحبوب الغذائية بالمرور عبر البحر الأسود ومنه لمضيق البرفسوار بتركيا ، تحت الحماية الروسية ، حيث قررت روسيا إيقاف مد التعامل بتلك الاتفاقية ، بل وبدأت القوات العسكرية الروسية فى استهداف السفن المحملة بالحبوب الغذائية التى تمر بالبحر الأسود ، وأحدثت خسائر كبيرة بها وبالمخازن الخاصة بالحبوب دخل هذه الموانئ ، واستفادة روسيا من هذا القرار أنها  أصبحت هى البديل الرئيسى لدول الساحل فى إمدادها بالحبوب الغذائية ، بدلاً من أوكرانيا ، بل اتفقت مع بعض الدول بأنها ستمنحها الحبوب بالمجان بدون أى مقابل ، وبذلك ظهر الهدف الخفى وراء الإصرار الروسى على عدم تفعيل اتفاقية الحبوب ومد العمل بها لفترة جديدة بعد انتهائها فى يوليو الماضى.


 

معطيات كل ما سبق يؤكد أن بسقوط النيجر تحت السيطرة الروسية ، من شأنه أن يقلص بشكل كبير السيطرة العسكرية والاقتصادية لفرنسا وأمريكا بالمنطقة ، بعدما فرض الدب الروسى هيمنته على مالى وبوركينا فاسو والسودان التى أنشأت عدد من المشروعات الاقتصادية مع روسيا ، بل ومع مجموعة فاغنر نفسها الموالية لروسيا ، بالإضافة لليبيا أيضاً ، وكل هذه الدول يتواجد على أرضها قواعد عسكرية ومنشآت اقتصادية تابعة للولايات المتحدة وعدد من دول الاتحاد الأوربي على رأسها فرنسا ، وليس من الصعب استهداف تلك المنشآت ، وإلصاق الاتهام للجماعات الإرهابية المسلحة ، فتكون هذه ورقة ضغط جديدة فى يد الدب الروسى ، يرفعها فى الوقت المناسب فى وجه الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى ، ويستفيد منها بشكل واضح فى حربه على  أوكرانيا . 

 

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف