google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

الفساد وقرار وزير البترول

 

الفساد وقرار وزير البترول



بقلم – محمد مقلد

 


الفساد مثل السوس الذى ينخر فى عظام اقتصاد أى دولة فى العالم ، فالمحور الرئيسى لبناء الاقتصاد  يتمثل فى القضاء على الفساد بكافة أشكاله ، فانتشار الفساد داخل عدد من المؤسسات والمصالح الحكومية والهيئات المختلفة ، كفيل بتدمير اقتصاد الدول ،  وأنا هنا لست مع بعض الجهات المسئولة عن محاربة الفساد ، بإهمالها فساد فى أى مكان داخل الدولة لمجرد أن ما يتم نهبه من المال العام آلاف الجنيهات فقط  ، وتصنيفه بأنه فساد بسيط لا يستدعى الالتفات له لانشغالهم بمطاردة القضايا التى يحتوى فيها الفساد على ملايين الجنيهات ، فإذا انتشر الفساد فى عدد من المؤسسات سيتحول فى النهاية إلى ملايين بل مليارات ، فالفساد هو الفساد مهما كبر أو صغر حجمه ، وحق الدولة لابد أن نحافظ عليه حتى ولو هناك إهدار جنيه واحد فقط من المال العام.

 

والفساد بطبيعة الحال ليس فساد مالى فقط ، فهناك الفساد الإداري والأخلاقي الذى يولد الظلم والقهر وتشويه السمعة ، والعديد من الفاسدين فى جميع المناصب سواء كان رئيس مؤسسة أو شركة أو مدير مديرية أو المدراء بالشركات والهيئات المختلفة يستغلون بشكل واضح مناصبهم ونفوذهم خلال الفترة الأخيرة لهم فى المنصب وقبل بلوغهم سن التقاعد للنهب والسرقة ومخالفة كافة اللوائح والقوانين بصورة متوحشة ويتحولون إلى ذئاب جائعة تريد نهش لحم البلد التى يعيشون على أرضها قبل تركهم لمناصبهم.

 

ومن هذا المنطلق أرى من وجهة نظرى حتى نحافظ على أموال الدولة ، ونساعد القيادة السياسية والحكومة على تقوية وانتعاش الاقتصاد ، أن نجنب كل أصحاب المناصب سالفة الذكر دون أن ننال من كرامتهم قبل عام من بلوغهم سن التقاعد ، وتعيين بديل فى وجودهم ، ويتم تشكيل لجنة متخصصة مهمتها مراجعة كافة المستندات المالية والقرارات الإدارية التى صدرت خلال تقلدهم المناصب ، ومن هنا سنضرب عدة عصافير بحجر واحد ، أولاً فى حال اكتشاف فساد ونهب المال العام ، يتم حرمانهم من مستحقات نهاية الخدمة ، وتقديمهم للمحاكمة على ما اقترفوه فى حق الدولة ، فضلاً عن منع إصدارهم  أى قرارات تعسفية أو مخالفة للوائح والقوانين خلال فترتهم الأخيرة قبل بلوغ سن التقاعد.

 

من هنا سيراجع أى صاحب منصب نفسه كثيراً قبل أن يسول له شيطانه استحلال أموال الدولة ، أو حتى إصدار قرارات مجحفة من شأنها أن تفجر المشاكل والصراعات داخل مكان العمل عقب تركه للمنصب ، فاللأسف الشديد بعض أصحاب المناصب يصيبهم مرض نفسى كلما اقتربوا من موعد بلوغهم سن التقاعد ويتعمدوا عن قصد اللجوء لتصرفات مريبة  لتنهار من بعدهم المؤسسات التى يعملون بها ، دون وجود تفسير محدد لمثل هذا التصرف الغريب.

 

والمحور الأهم فى سبيل القضاء على الفساد وقطع أذرعه قبل أن تتوغل فى مفاصل الدولة ، ألا نترك الحق لصاحب أى منصب أن يرشح من يخلفه بعد بلوغ سن التقاعد ، فمن البديهى أن الفاسدين منهم سيقاتلون من أجل ترشيح أحد المقربين منهم ، ومن ساهم معهم فى نهب المال العام وإصدار القرارات المجحفة ، حتى يضمن أنه وضع مكانه من سيتستر على فساده لأنه مشارك فيه ، ومن هنا يخشى مثل هؤلاء الفسدة أن يحل محلهم أشخاص لا يعرفونهم ، حتى لا يفتضح أمرهم ويتم اكتشاف فسادهم من خلال المستندات وتقديمهم للمحاكمة.

 

ومن هذا المنطلق لابد أن أقدم كل التحية للمهندس كريم بدوى وزير البترول على فطنته ونظرته المستقبلية ، والذى اتخذ خطوة أرى أنها سيتم تعميمها على جميع الوزارات لاحقاً ، فهذا الرجل بفطنته وضع البذرة الأولى لما أقصده من وراء هذا المقال ، وكأنه يعلم ببواطن الأمور ، فقد اتخذ بدوى قراراً اعتبره من أفضل القرارات الوزارية التى عاصرتها خلال السنوات الأخيرة ، ألا وهى إعداد صف ثانى ، يتم تدريبهم على أعلى مستوى ، لتعيينهم كنواب لرؤساء مجالس إدارات شركات البترول ، حتى يكونوا ملمين بكل كبيرة وصغيرة قبل تصعيدهم ليتقلدوا رئاسة تلك الشركات.

 

ومع تعميم قرار وزير البترول على جميع الوزارات وتطبيق قرار تجنيب صاحب المنصب فى عامه الأخير ، أقسم برب يوسف بأن الأمور ستكون على ما يرام داخل الشركات والمصالح الحكومية المختلفة ، وسننجح بصورة مذهلة فى القضاء على النسبة الأكبر من الفساد ، وكل صاحب منصب وقتها سيشعر برقابة مشددة عليه وعلى جميع قراراته المالية والإدارية ، مما يجعله يفكر ألف مرة قبل أن يسول له شيطانه السطو على المال العام.

 

أما النقطة الثانية التى من شأنها الحد من الفساد ، فتتمثل فى ضرورة أن يكون هناك لجنة متخصصة داخل كل وزارة أو هيئة ، لجنة تكون مهمتها الرئيسية مراقبة عمل الشركات والمديريات المختلفة ، وإعداد تقرير كل ثلاثة أشهر يتضمن كل أعمال الشركة أو المديرية من الناحية الاقتصادية والإدارية ، ورصد جميع المشاكل التى تطفو على السطح ، ورصد طريقة عمل رئيس الشركة أو المؤسسة وجميع أصحاب المناصب الرفيعة بداخلها وطريقة تعاملهم مع العاملين والموظفين ، والاهتمام بسيرتهم الذاتية وأخلاقهم خلال العمل ، على أن تقوم تلك اللجنة بزيارة الشركة أو المديرية نهاية كل عام مالى ، لمراجعة كافة المستندات المالية والقرارات الإدارية  ، وإعداد تقرير مفصل ومتكامل لرفعه للوزير المختص ، ويتضمن التقرير كافة الأمور سواء ايجابية أو سلبية لمكافأة المجيد ومحاسبة من أخطأ ، وإبراز المخالفات المالية والإدارية لتكون واضحة أمام الوزراء لاتخاذ اللازم حيالها وبشكل سريع.

 

ويشترط فى عمل تلك اللجنة أن يقيم أفرادها خلال الزيارة فى مكان بعيد عن الشركة أو الهيئة المنوط عمل تقرير عنها ، حتى يتخذ طريق التعامل بين أعضاء اللجنة وأصحاب المناصب  الشكل الرسمى والحاسم لإبعاد أى شبهة توطئ أو مجاملة.

 

فالفساد يا سادة هو المسمار الأول فى نعش اقتصاد أى دولة ، وخلال السنوات الأخيرة بدأ يتخذ  أساليب عديدة ملتوية ، لدرجة أن هناك مدراء مثلاً فى بعض المؤسسات أوالشركات يصل بهم الأمر إلى اقناع من هم أقل منهم فى المنصب والمرشحون لخلافتهم ، للتوقيع على مستندات تزكم الأنوف لما تتضمنه من فساد مالى واضح ، ولكل منهما فى نهاية الأمر مصلحة شخصية من جراء ذلك ، فالأول يبحث عن نهب المال العام ، وإذا وقع المحظور وسقط فى قبضة الأجهزة الرقابية تكون حجته أن التوقيع مزور و ليس توقيه ، وجهات التحقيق للأسف وقتها لن تتوصل لصاحب التوقيع لأن الأمر سيكون صعب بعض الشئ ، أما الطرف الثانى فلا يهمه على الإطلاق إلا أن يضمن لنفسه المنصب عقب وصول الطرف الأول لسن التقاعد ، وبذلك يضمن الطرفان أن أحدهما لن يخن الآخر ، لذلك نجد أن صاحب المنصب يقاتل بشراسة من أجل أن يخلفه هذا المشارك معه فى الجرائم التى تنال من حق الدولة وأموالها. 


ولنا لقاء آخر إذا كان فى العمر بقية     

  

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف