google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

سرطان القطاع العام

 



بقلم – محمد مقلد



شركات القطاع العام تشبه لحد كبير الورم السرطانى الذى يستشرى بسرعة النار فى الهشيم داخل جسد اقتصاد الدولة ،  ويؤثر بصورة سلبية على نظرتها المستقبلية فى بناء اقتصاد قوى يساعدها على تلبية احتياجات شعبها ، وداخل مصر يوجد ما يقرب من 121 شركة قطاع عام ، معظمها شركات خاسرة ، وتمثل صداع فى رأس الحكومة ، فهى ببساطة تضم عمالة زائدة عن الحد دون انتاجية واضحة ، والمطلوب توفير رواتب وحوافز وأرباح للعاملين بها ، مع أنها لا تحقق المرجو منها ، وتظل تستنزف موارد الدولة بصورة مرعبة.

 

وعبر سنوات مضت ، تحاول الدولة قدر المستطاع إيجاد  حلول جذرية يخلصها من  كابوس شركات القطاع العام ، التى أصبحت مثل السوس الذى ينخر فى عظام الاقتصاد ، واستمراره يمثل خطر واضح على ماهية هذا الاقتصاد مستقبلاً ، فبعض الشركات تم تصفيتها بعدما أصبحت خسائرها تفوق الحد ، بينما تم دمج عدد من شركات القطاع العام لعل وعسى ، وإن كانت تلك الخطوة لا تفيد فى شئ على أرض الواقع.

 

وبالنظر للحال المتردى الذى وصلت إليه شركات القطاع العام ، والتى كانت يوماً ما تمثل قوة اقتصادية تعتمد عليها الدولة لاسيما فى السنوات الأولى لحكم الرئيس الراحل أنور السادات ، نلاحظ أن هناك أسباب عديدة ومتنوعة لتلك الحالة ، يأتى على رأسها بدون شك العمالة الزائدة عن الحد مع شبه انعدام الانتاجية ، حتى ضاعت النسبة والتناسب فى هذا الوضع الغريب ، فتلك الشركات كانت تفتح ذراعيها بشكل كبير لاستقبال التعيينات الجديدة دون ضوابط محددة ، بينما الشركات الاستثمارية على سبيل المثال لا يلتحق بالعمل بها إلا من سيفيد الشركة بالفعل.

 

فهناك شركات لديها عمالة زائدة بشكل مرعب ، لدرجة أن هناك شركات تضم ما يفوق الـ4000 عامل ، فى الوقت الذى لا تحتاج فيه الشركة أكثر من 500 عامل فقط ، فمعظم العاملين بها وظيفتهم الحقيقية هى الذهاب للعمل وقضاء الساعات الثمانية المقررة فى تناول الطعام وشرب القهوة والشاى ، مع ساعات تضيع أمام الهاتف وأخرى بجلسات السمر والقيل والقال ، وفى النهاية مطلوب من الدولة أن توفر رواتب وحوافز وأرباح لهؤلاء العمال ، دون أن يكون لهم أى دور ملموس فى العمل يستحقون عليه تلك الرواتب ، والذنب هنا ليس ذنبهم ، ولكن ذنب منظومة عمل بُنيت على أساس هش.

 

وللحقيقة هناك عوامل أخرى أدت بشكل واضح إلى تدهور شركات القطاع العام من بينها الفساد الإدارى والمالى ، الذى أخذ ينهش فى أجسادها دون رادع ، وكان سبباً فى انهيار شركات كانت فى يوماً ما تمثل قيمة اقتصادية واضحة ، فالفساد المالى ببعض شركات القطاع العام يفوق الحد ، فى ظل غياب الرقابة ، وعدم محاسبة المخطئين وتركهم يعبثون بالمال العام دون وقفة حاسمة تمنعهم من القضاء على تلك الشركات ، وهناك أكثر من مثال حى يؤكد تلك الكارثة ، والغريب أن الأجهزة المنوط بها مراقبة تلك الشركات ، تشكل اللجان للتفتيش عليها ، وتصدر تقاريرها التى لا تمت بأى صلة لما يحدث بالفعل داخل أروقتها.

 

أما بالنسبة للفساد الإدارى والذى يؤدى بطبيعته إلى فساد المنظومة بصورة كاملة داخل تلك الشركات ، ويكون سبباً واضحاً فى انتشار الفساد المالى ، فحدث ولا حرج ، فهناك مسئولون يحتلون مناصب قيادية داخل بعض الشركات ، سواء رؤساء مجالس إدارة أو مدراء عموم أو غير ذلك من مناصب ، اعتقدوا أنها عزب خاصة بهم ، و امتلكوا الشركة لمجرد وصولهم لتلك المناصب ، ويتصرفون بعنجهية واضحة تحقق أهدافهم بعيداً عن الصالح العام للدولة ، فتلاحظ أن المجتهدين المتميزون فى العمل يتم استبعادهم ، ليحتل مكانهم مجموعة من الموالين لصاحب المنصب ، وهؤلاء لهم لقب معروف يعف القلم عن ذكره بشكل صريح.

 

وتواجد مثل هؤلاء المطبلتية حول صاحب المنصب ، يساعد بصورة كبيرة على فعل كل شئ من نهب للمال العام ، وانهيار المنظومة الإدارية بشكل يأخذ الشركة إلى الغرق فى مستنقع الإهمال والفساد ، والغريب أن فى بعض الشركات ، المسئول الفاسد الذى يتم فضح أمره أمام الجميع ، مع الأسف الشديد تجد من هو أعلى منه فى المنصب لا يتخذ أى إجراء ضده ، بل يساعده على التمادى فى تصرفاته المشبوهة ، والتفسير الوحيد لرد الفعل هذا أنه شريك واضح معه فى هذا الفساد وربما يكون هو الرأس المدبر له.

 

فالخلاصة يا سادة ، أن معظم شركات القطاع العام تنهار بسبب غياب الرقابة الفعلية عليها وعلى من يقوموا بإدارتها من أصحاب المناصب القيادية بها ، وتركهم يفعلون ما يشاءون وكأنها أملاك خاصة بهم ، فيستشرى عاماً وراء الآخر الإهمال والفساد المالى والإدارى ، فتلك الشركات لا حل لها إلا أن يتم خصصتها ، أو الاهتمام بها وتشديد الرقابة عليها ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.


 

اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد  

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف