google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

شلة الشيطان والشبكة التنظيمية

 

شلة الشيطان والشبكة التنظيمية



بقلم – محمد مقلد



الحياة تبدو وكأنها إمرأة جميلة فى ملامح وجهها وزينتها وما ترتديه من ملابس أنيقة تبرز مفاتن جسدها ، تتمايل فى شارع لا يتعدى طوله 300 متراً ، بدلال ودلع لتلفت لها الأنظار وتستقطب أصحاب النفوس الضعيفة ممن يتسابقون لإرضاء شهواتهم بأنواعها المختلفة ، فالنساء تتزاحم أعينهن عليها للفوز بتفصيله موجوده فيها لتقليدها والسير على نهجها ،  فمنهن أعينهن تطارد نوعية الملابس التى ترتديها ، وبعضهن يراقبن طريقة رسم المكياج على وجهها ،  وأخريات يحاولن تعلم أسلوب مشيتها ، وهذا رجل يجلس على المقهى يبحث عن الفوز بنظرة لتفاصيل جسدها ، وآخر أعجبه ملابسها الأنيقة وجمال وجهها ، وثالث يبحث عن نظرة من عينيها تشعره برجولته وأنه مرغوباً فيه.

 

وبينما كل واحد منهم يبحث عن هدف معين من تلك المرأة ، ما هى إلا لحظات وتختفى من الشارع ، فيتحسروا على اختفاءها ، وتصبح كل أمانيهم أن تعود مرة أخرى من نفس الشارع ، ولكنهم يكتشفون أنه من المستحيل عودتها ، فهى لا تظهر فى شارعهم هذا إلا مرة واحدة لا تتكرر ،  فالحياة لا تختلف عن هذه المرأة المليئة بالمغريات التى يضعف أمامها السواد الأعظم من بنى البشر ، ذلك الضعف الذى يجعلهم يلقون خلف ظهورهم المبادئ والتقاليد وتعاليم دينهم ، من أجل الفوز بأكبر قدر من تلك المغريات ، ليشبعوا رغباتهم الدنيوية من جنس ومال وسلطة ، ويهدرون أعمارهم فى اللهث وراء تلك الرغبات ، وفى النهاية يكتشفون أنها رغبات مؤقتة زينها لهم الشيطان ليضعهم على طريق الضلال.

 

التعاون بين تلك المرأة الجميلة والشيطان ، أثبت تفوقه بصورة مذهلة خلال هذا العصر ، فانتشرت كل الموبقات والأخلاق الوضيعة ، وإذا ضربنا مثالاً على هذا الوضع المتردى داخل بعض بيئات العمل المصغرة ، سيتضح لكم مدى ما وصلنا إليه بشكل عام ، فهناك بيئات للعمل يحكمها مدير مسئول صاحب سلطة ، وصل لمنصبه عن طريق الرشوة التى تتمثل فى عزومة فى مكان هادئ ،  وهدية ثمنها ربما لا يتعدى سعرها الألف جنيه ، حتى يمهد له الطريق للانقضاض على منصب ليس من حقه ، وبمجرد نجاح خطته وتحقيق هدفه ، تظهر حقيقته ويخرج منه كل الصفات الشيطانية التى تعكس البيئة المشينة التى خرج منها.

 

ويتضح أن هدفه ليس نجاح منظومة العمل ، فهذا الأمر لا يعنيه فى شئ ، ولكن ما يصبوا إليه ويبحث عنه ، كيفية ملئ جيوبه بالمال الحرام ، فيحول ساعات العمل إلى أوقات يتفنن فيها لمخالفة كل اللوائح والقوانين ليحقق لنفسه أكبر استفادة ممكنة ، وليذهب العدل وحق الدولة إلى الجحيم ، ولكن حتى يحقق هدفه لابد له من كتيبة تعمل معه ، يختارهم بعناية شديدة ، لهم صفات معينة لا تتوفر فى غيرهم ، أفرادها لا يعرفون معنى للمبادئ ولا الأخلاق ، يكونوا على استعداد للتنازل عن كرامتهم ودينهم من أجل إرضاءه ، حتى يرضى عنهم وينالهم من الحب جانب كما يقولون ، ويجب أن تكون كفاءتهم ليس لها نظير فى الفتنة ونقل الكلام والتجسس على زملائهم والوقيعة بينهم ، وتفوقهم لا مثيل له ، فى فتح جسر من الاتصال المباشر الذى لا ينقطع مع المدير المسئول.

 

ومما لا شك فيه ، أن طريق شلة الشيطان هذه لابد له من ضحايا ، فمن يتقن عمله مكافئته الاطاحة به وإلا نجاحه سيكشف حقيقتهم ، ومن يتقى الله ولا يرضى بالحرام ومخالفة القانون ، عقابه الدهس على وجهه وإظهاره وكأنه يعطل سفينة العمل ويتسبب فى البلبلة ، ومن يلقى تحية السلام على تلك النوعية يصنف بأنه واحد منهم ويتعرض هو الآخر للعقاب ، فمن يعارضهم لابد أن يكون منبوذ مثل الكلب الأجرب ممنوع الاقتراب منه تحت أى ظرف.

 

شلة الشيطان هذه يشكلون فيما بينهم ما يعرف بـ " الشبكة التنظيمية " لها تدرج وظيفى خاص بهم ، ليس له علاقة بمنظومة العمل نفسها ، فتحت المدير المسئول يندرج " المسهوك الكداب " سيرته الذاتية لابد أن يتوفر فيها ، اتقان الكذب ، النجاسة المفرطة ، التلون حسب الموقف ، اللعب على كل الحبال ، حرامى بدرجة امتياز ، تفوق فى الايقاع بالجنس اللطيف والنيل فى أعراضهن والنصب عليهن ، ويندرج تحته ، منصبين الأول لابد أن يشغله من يطلق عليه لقب  " الدلدول التابع " سيرته الذاتية تعتمد على التنازل عن كل شئ مهما كان حتى يحقق مصالحه ، ودوره مراقبة المعارضين ونقل تحركاتهم وأخبارهم لـ " المسهوك الكداب " والذى بدوره يقوم بنقل تلك التحركات للمدير المسئول.

 

أما المنصب الثانى ، فعلى الأرجح تفوز به سيدة ممن يطلقون عليها لقب " الكرنبة الحرباية " ، مؤهلاتها معروفة ، أولاً تشويه صورة زميلاتها أمام المدير المسئول حتى لا يثق فى سيدة غيرها ، نقل الكلام بصورة مباشرة للمدير المسئول دون أن تعود لـ " المسهوك الكداب " أولاً ، تنقل الأخبار بطريقة مختلفة ، حيث تتفنن فى وضع البوهارات والفلفل والشطة على أخبارها مما يحقق مطامعها ، وتحاول استدراج من يتحدث معها ليقع فى المحظور لتجد شئ هام تنقله ، ومن أهم مؤهلاته التحول بصورة مذهلة إلى مظلومة إذا انكشف أمرها وتسبقها دموع التماسيح لتظهر فى صورة الملاك البرئ الذى تعرض للظلم.

 

ويندرج تحت هؤلاء مجموعة كبيرة من تلك " الشبكة التنظيمية " لكل واحد منهم دور يجب أن يتقنه ، ولكن معظمهم لابد له أن يتقن دور البصاص ، يراقب ويترصد وينقل ، وكأنك تشاهد شبكة جاسوسية تضيق الخناق على المعارضين لتلك الأوضاع المتردية ، لذلك تجد أن معظم المزايا من ترقيات ومناصب ومكافآت وخلافه ينالها أعضاء تلك " الشبكة التنظيمية " ويكفى أنهم يتقنون الدفاع عن الباطل والتصفيق للص ظالم آكل حقوق الدولة والغير.

 

ولكن السؤال الأهم هنا ، ماذا لو جاء اليوم وسقط مثل هذا المدير المسئول فى المحظور؟ ، وتمت إدانته لسبب أو لآخر ، ماذا سيكون رد فعل أعضاء تلك " الشبكة التنظيمية " ؟ ، بدون تردد جميعهم سيخرج على الملأ ليسب ويلعن فيه ، وسيتفقون بينهم دون أى ترتيب على جملة واحدة " فى داهية تاخده ده بوظ الدنيا ربنا ينتقم منه " ، والبعض الآخر سيخرج ليبرر أعماله المشينة ضد زملاءه بأنه مجبر وعبد المأمور ، فمثل هؤلاء وجوههم قبيحة يسكنها الشيطان ، يتلونون حسب المواقف التى تخدم مصالحهم ، فأياك عزيزى القارئ وعزيزتى القارئة ، أن تنتصر عليكم الأنا والمصالح الشخصية وتختاروا لأنفسكم أن تكونوا أعضاء فى يوم من الأيام بتلك " الشبكة التنظيمية " التى يديرها شيطان لا دين له.


 

اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد.

 

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف