فاهم أفندى
محروس البقال بيدعى ربنا وهو بيفتح دكانه الصبح ، " يا فتاح يا عليم
يا رزاق يا كريم " فإذا به صديقه فاهم أفندى يمر من أمامه وهو يغنى "
أدينى الحقنة بسرعة أرجوك محتاجة الجرعة " ، محروس أندهش وقال لنفسه ، أظاهر
كده فاهم دماغه ضربت على الصبح ، وفضل ينادى عليه ، وفاهم ولا هو هنا كان مشغول
بالأغنية ، محروس سكت وقال ، لما يرجع من شغله ، أشوف أيه اللى حصله.
محروس كان منشغل بالبيع للزبائن ، فلمح صديقه فاهم أفندى عائد من عمله وهو
يغنى نفس الأغنية " أدينى الحقنة
بسرعة أرجوك محتاجة الجرعة " ورفع يديه ليسلم عليه وهو منشغل بترديد الأغنية
، قال لنفسه لأ ، ده كده فاهم فى حاجة ، وبصوت جهورى قال للزبائن ، خلاص كده شطبنا
، وأغلق الدكان ليلحق بصديقه ، ففوجئ به يرقص داخل المنزل وهو يغنى بصوت عالى
" أدينى الحقنة بسرعة ، أرجوك محتاجة الجرعة"
محروس وقف أمام صديقه وقاله ، مالك يا فاهم في أيه من الصبح وأنت بتغنى
الأغنية دى وعمال تضحك ، أيه الموضوع ، فاهم بص لمحروس وهو مبتسم ، وقاله ، أقعد
بس يا محروس وأنا أقولك ، أنت عارف المثل اللى بيقول " شر البلية ما يضحك
" قاله طبعاً عارفة ، وده دخله أيه فى حالتك دى ، فرد عليه فاهم ، دى مش
حالتى أنا ، ده صديق حكى ليه حكاية غريبة يا أخى ، ومن ساعتها وأنا متأثر بيها
وعمال أغنى الأغنية دى زى ما أنت شايف كده.
محروس صمت للحظة ، وقاله حكاية أية ما تقولى ، فرد عليه فاهم ، الأول أدخل أعملنا كوبيتين شاى وتعالى أقولك عشان
الكلام يحلى ، محروس عمل الشاى ، وقال لفاهم ، أيه بقه الحكاية يا عمنا ، قاله بص
يا سيدى ، أنا ليه صديق غريب فى طباعه بعض الشئ ودى قصة طويلة ملهاش لازمة دلوقتى
ولا هتهمك فى حاجة ، ولن يستوعبها عقلك من
الأساس ، عموماً صديقى ده على خلاف مع مسئول نرجسى ، يعنى من الأخر متعرفش أن كان
راجل ولا ست ، الخلافات بينهم بسبب أن المسئول ده مفيش حاجة غلط معملهاش من
مخالفات مالية وظلم وتصرفات لا يقبلها العقل والمنطق ، يعنى ببساطة كده خربها على
الآخر ، وصديقى ده كان السبب فى أنه كشف كل هذه الألاعيب.
طبعاً يا محروس استخدم معاه كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لأذيته
ولكنه لا يعرف أنه مختلف ، وكل الألاعيب يكشفها ويبطل مفعولها بمساعدة الله تعالى
، صديقى ده طول باله لدرجة كبيرة عليه وفضل يحاول يعدل منه بالطرق السلمية ولا
حياة لمن تنادى يا محروس ، ما هو نرجسى بقه ، الكبرياء والغطرسة الكدابة مسيطرين
عليه ، وفى الفترة الأخيرة بدأت الحلقة تضيق بصورة كبيرة على هذا النرجسى ،
والجميع عرف حقيقته وانكشفت أمامهم كل ألاعيبه من سهوكة ودموع أونطة ، وانخلع عنه ثوب
المظلومية الذى يرتديه بالكدب لكسب تعاطف الناس من حوله ، حتى أصبح مفضوح أمام
الجميع.
صديقى ده يا محروس ، جه فى وقت كده وقرر أنه يبعد عنه ويخليه فى حاله ، لكن
هتقول أيه بقه ، مينفعش النرجسى يقعد ساكت ، وقرر صديقى يفتح بقه كل الملفات
والمرة دى أصر على كشفه بالأدلة واللى يحصل يحصل ، وزى ما بيقولوا كده اللى غلط
يتحاسب ، وفى الوقت ده حصل على مستندات مالية فضيحة ، عارف أنت يا محروس واحد يبقه
مثلاً حرامى وأهبل ، هو ده بالظبط ، وبدأ صديقى يعمل مقارنات بين السابق والحالى ،
فاكتشف ألاعيب غريبة و فضايح فعلا تودى النرجسى وكل من اشترك معه فى ستين داهية.
وخلاص يا محروس قرر صديقى فضحهم وجهز كل شئ وقبل ما يكشف كل حاجة بيوم واحد
عرف النرجسى ، وعلى وجه السرعة استدعى شلة الأنس ، البطانة السوء ، ومعظمهم طبعاً
ستات والعياذ بالله منهم ، واتنين منهم قعدوا مع النرجسى ده ، وطفوا الأنوار
ونكشوا شعرهم زى العفاريت ، وركزوا بنظرهم
للسقف ، وهم يرددون ، " فكر يا كبير " ، " فكر يا كبير " ،
فطلعت واحدة منهن زى الخازوق ، وهى تصرخ ، لقيتها ، فكرة جهنمية هتخلى الكل يتعاطف
مع النرجسى ، وصاحبى ده طبعاً قلبه يحن ويوقف أى حاجة.
فاهم سكت شوية ، فإذا به محروس يصرخ فى وجهه وبعدين يا فاهم سكت ليه ، فنظر
له فاهم وهو يبتسم ، تخيل يا محروس الفكرة الشيطانية ، عمل تمثيلية أن النرجسى ده
يتمارض ويبلع كام حباية تساعده ، ويجرى على مستشفى خاص ، ويبلغ الجميع أنه فى حالة
خطرة ، وفعلاً يا محروس التمثيلة اتعملت ولكن المسلسل سقط من أول مشهد وانكشف
الأمر ، وخرج طبيب ليفضح مخططهن ، ويكشف أن النرجسى أول ما وصل للمستشفى قال
للدكتور " أدينى الحقنة بسرعة " واتفق معاه يدخله العناية عشان الدور
يتسبك ، بس جاءت الرياح عكس ما يشتهيه
تماماً هذا النرجسى ورفاق السوء ، وخرج الطبيب ليفضح كل التفاصيل ، فانصرف كل من جاء لزيارته وهم يضربون كفاً
على كف من هذا المسلسل الهابط.
الغريب يا محروس إن فى بعض الشخصيات فعلاً كما أكد لى صديقى ، صدقوا فى
البداية المسرحية الهزلية دى اللى مترضيش ربنا ، فعلاً مجموعة شياطين نسيوا قول الرسول الكريم (لا تمارضوا
فتمرضوا فتموتوا) ، محروس اندهش وسأل فاهم ، طب صديقك عمل أيه لما عرف ، فرد عليه فاهم ،
ولا حاجة ، أظاهر هو كمان جاله مرض ومن ساعتها وهو بيغنى " أدينى الحقنة بسرعة " ، محروس انتفض
من مكانه وقال لفاهم ، لما أرجع الدكان يا عم أشوف شغلى ، وهو يردد ، ده أيه اللى
الواحد بيسمعه ده ، هو فى كده ، وبمجرد أن وصل لباب شقة فاهم لمغادرته ، بدأ هو
الآخر يدندن " أدينى الحقنة بسرعة أرجوك محتاجة الجرعة "
