google-site-verification: google954c7d63ad8cb616.html
عيون الخريف عيون الخريف
recent

أخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

وزارة الداخلية والاستقواء

وزارة الداخلية والاستقواء

 


بقلم – محمد مقلد


لم يمر إلا أيام معدودة على واقعة الرجل المسن الذى سقط أرضاً لرفض مساعد السائق بمحافظة الدقهلية أن يستقل حافلة نقل الركاب ، وكان المشهد مأسوى أدمى القلوب وأسقط دموع أصحاب القلوب الرحيمة ، حتى نستيقظ جميعاً على كابوس جديد ، أشد قسوة ، ويعكس مدى ما وصل إليه بعض الناس من تجبر وضياع الرحمة والإنسانية من قلوبهم ، فالصفعة التى استقبلها حج غريب ، نزلت كالصاعقة على خد الانسانية والأخلاق ومبادئ كل الأديان ، ولم يرحم المعتوه الذى تجرأ بكل بجاحة وتعدى عليه بهذا الشكل المزرى ، كبر سنه ومرضه وضعف قوته.

 

أنه مشهد يا سادة يعكس الحال الذى وصلنا إليه فى هذا العصر ، العصر الذى تاهت فيه الانسانية والاحترام والعطف والرحمة ، وأصبح الاستقواء على الضعفاء مسلسل متكرر تحولت معه دنيا البشر إلى غابة يقطن معظمها مجموعة من الحيوانات بلا قلب ولا مشاعر ولا حتى انسانية ، وأصبح الاستقواء هو اللغة الرسمية للتعامل لتلك النوعية من البشر، أقصد الحيوانات ، استقواء بالمال والمنصب وقوة العضلات ، أنهم يا سادة اختاروا طريق الشيطان وقرروا أن يدهسوا تحت أقدامهم الضعفاء ، وتناسوا أن هناك القوى الجبار الذى يمهلك فى استقوائك وجبروتك ، ولكنه تعالى لا يهمل أن يجازيك على تصرفاتك التى تلفظها كل الأديان السماوية.

 

ونسأل أنفسنا إذا كانت تلك الوقائع الإجرامية كشفتها شاشات الهاتف ؟ ، فما هى حجم الأحداث الكارثية التى تتشابه معها ، ولكن الظروف لم تسمح بتصويرها  وعرضها على الملأ ؟ ، وهذا يذكرنى بموقف مؤسف شاهدته بعينى منذ شهر تقريباً ، فقد كنت استقل الميكروباص صباحاً من منزلى متوجهاً لمكان عملى ، وكانت تجلس بالقرب منى سيدة تتصف بالسمنة وبعض الملامح الخاصة بها ، وكانت منشغلة بسبحة فى يديها بذكر الله تعالى ،  وإذا بهم ثلاثة صبية يستقلون نفس السيارة متجهين لمدارسهم ، وبدأ هؤلاء الصبية عديمى التربية والأخلاق فى التنمر على تلك السيدة بشكل مزرى وضحكات ساخرة ،  تدل على بيئتهم القذرة والانحلال الانحطاط السلوكى الذى أصاب بيوتهم للأسف.

 

ومع تكثيف التنمر ، دخلت تلك السيدة فى نوبة بكاء دون أن تنطق بكلمة واحدة ، فبدأت أنا وبعض المتواجدين بالسيارة فى نهرهم ، ولكنهم وبكل بجاحه قابلوا كلامنا باستهزاء وسخرية ، وتطورت الأحداث بصورة دفعتنى للتصميم على استدعاء شرطة النجدة لهم ، لولا أن السائق انتبه للأمر وطردهم من السيارة مع توجيه كلمات سباب وشتائم لهم نالت من آبائهم ، وبصراحة يستحقونها لأنهم فشلوا فى تربية أبنائهم.

 

ومن هنا تظهرلنا الأهمية القصوى لوزارة الداخلية وقيمة تواجدها بيننا لفرض الأمن والأمان والاستقرار ، وهذا ما اتضح عقب القبض على المتهمين بواقعتى حافلة الدقهلية والحج غريب وغيرها من الوقائع المتشابهة ، ويعكس مدى جهود اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وتطور منظومة الشرطة فى عهده ، ولاسيما بعد استحداث إدارة للرصد والتتبع بالوزارة نفسها وفى جميع مديريات الأمن بمحافظات مصر المختلفة ، مهمتها رصد كل كبير وصغيرة للخارجين عن القانون على مواقع التواصل الاجتماعى ،  وساعات قليلة وتجد المتهمين منشورة صورهم وهم مكبلين بالحديد لمحاسبتهم على ما اقترفوه فى حق غيرهم.

 

وللحقيقة وحتى نكون منصفين ، اليد الواحدة مستحيل أن تصفق ، فمع انحدار الأخلاق وانتشار التربية الوضيعة ، وضياع هيبة الدين وتعاليمه داخل معظم المنازل المصرية ، وما جلبه علينا الانترنت من سلوك عدوانى ، اتسعت خريطة الجريمة والأحداث العنيفة فى الشارع المصرى بصورة مرعبة ، ورجال الشرطة وحدهم لن يستطيعوا التصدى لهذا الطوفان الشيطانى ، فنحن فى حاجة إلى إعادة تأهيل كامل لأخلاقنا وسلوكنا وطريقة تربية أبنائنا على تعاليم الدين ومبادئه ، نحن فى حاجة إلى إنقاذ أنفسنا وتحسين صورتنا أمام الله تعالى أولاً وأمام العالم ، بأجيال جديدة تحترم الإنسانية وتعرف المعنى الحقيقى للحرية بشكلها الصحيح.

 

 فنحن وبكل أسف نتهاوى بأخلاقنا داخل مستنقع مزرى عاماً وراء الآخر ، حتى أصبح العالم الغربى أحرص منا على الاحترام والأخلاق والمبادئ الإنسانية ، ونحن أضعنا بتصرفاتنا الطريق القويم ، فشوهنا صورتنا وصورة إسلامنا أمام العالم أجمع ، فأفيقوا يرحمكم الله قبل أن تجدوا أنفسكم بين يديه متلعثمه ألسنتكم غير قادرة على تبرير سقوطكم فى بحر الانحراف والانحطاط الأخلاقى والسلوكى.

 

اللهم قد بلغت اللهم فأنت الشاهد

    

عن الكاتب

عيون الخريف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عيون الخريف