بقلم – محمد مقلد
كنت لا أريد أن أتحدث فى هذا الأمر ولكن وجدت نفسى مجبر للحديث عنه وكشف
تفاصيله لأسباب خاصة ، وكشف غموض بعض الأمور الغائبة عن الكثيرين ، وما سأكشفه
هناك البعض يعرفه وعاصره ، بينما القطاع الأكبر ليس لديهم أى فكرة عنه ، فالجميع
داخل شركة النصر للبترول أو حتى العاملين بقطاع البترول بمحافظة السويس لديهم
العلم بأن مبنى أكاديمية النصر للبترول كانت أرضه فى الأصل معدة لإنشاء فندق كبير
عليها لولا كذبة 25 يناير التى أخرت مصر كثيراً.
ففى عام 2008 كانت علاقتى وطيدة بالمهندس سامح فهمى وزير البترول فى هذا
التوقيت وبعدد من قيادات الوزارة ، وكنت دائم التواجد بالوزارة يوم السبت من كل
أسبوع فى غالب الأحيان ، حيث الهدوء لأنه يوم إجازة وتم طرح فكرة إنشاء فندق كبير 7 نجوم تابع لشركة النصر على
الأرض المقابلة لنادى الشركة ، وبالفعل تم إعداد الرسوم الهندسية الخاصة بالفندق
ورصد الميزانية الخاصة بإنشائه ، وقبيل مؤامرة 25 يناير 2011 بعدة أشهر ، بدأ وضع
الأساسات للفندق والشروع فى البناء ، إلا أن المؤامرة على مصر فى 25 يناير قلبت
الموازين ، وتم الاستغناء عن سامح فهمى ومعظم القيادات بوزارة البترول ، وتوقف كل شئ خاص بالفندق ، وتم تحويله من فندق
لمبنى خاص بالتدريب ، وأطلقوا عليه اسم " أكاديمية النصر للبترول للتدريب
" .
وبسبب الغياب الأمنى الذى ضرب البلاد فى تلك الفترة الصعبة على مصر ، أخذ
حسين السواحلى مدير عام تنمية الموارد البشرية فى تلك الفترة ، وإن كنت لا أتذكر
هل كان التدريب قطاع وقتها ، أم تم تحويله لإدارة عامة ، ومعه عدد من العاملين
بالإدارة بالإقامة داخل المبنى لحمايته من اللصوص والبلطجية الذين انتشروا بسبب
الغياب الأمنى ، وأتذكر ممن ساعد السواحلى فى حماية المبنى ، محمد صلاح عبد التواب
وأحمد عبد الشافى ومحمد سليمان أبو عمار
وغيرهم ، وأعتذر لمن لا أذكر اسمه ممن كان لهم دور فى هذا الأمر فالذاكرة لا
تسعفنى لذكر كل الأسماء.
وخلال عام 2014 ، كنت أعمل بمجال الإسلام السياسى بعدة صحف ومواقع وأراسل
قنوات فضائية ، وأقضى معظم الوقت بالقاهرة ، وفى أحد الأيام تلقيت اتصال هاتفى من
صديقى العزيز تامر عبد العزيز ، يسألنى إن كنت فى القاهرة أم السويس ، ولحسن الحظ
كنت فى السويس ، ففوجئت به يخبرنى ، أن الحاج حسين السواحلى يريد مقابلتى لأمر هام
، وكنت وقتها أحد العاملين بالإدارة التى يترأسها ، وبالفعل اصطحبنى تامر لمنزل
الحاج حسين فى مدينة السلام 2 ، وجلست أنا وهو فقط ، لأعرف ماذا يريد منى.
فعلمت أن هناك 4 من قيادات شركة النصر وقتها جميعهم غير متواجد حالياً ،
تعاونوا فيما بينهم من أجل سحب مبنى الأكاديمية من التدريب ، ومنحه لإدارة يطلق
عليها العلاقات الحكومية الاتصالات ، ولا أخفى عليكم أننى عرفت أن مبنى الأكاديمية
وقتها كان مطمع لجميع القيادات داخل الشركة ، عموماً أخبرنى الحاج حسين ، أنه صدرت
له تعليمات من أمن الشركة بتسليم مبنى الأكاديمية صباحاً بناء على قرار صدر بمذكرة
رسمية من المهندس رضا عبد الصمد رئيس مجلس إدارة الشركة وقتها ، وذلك لتسليمه
لإدارة العلاقات الحكومية والاتصالات ، وكان الحاج حسين بصراحة شديدة فى حالة حزن
شديد ، ومستسلم بصورة كبيرة للأمر نظراً لتكالب معظم مراكز القوى وقتها داخل
الشركة عليه لسحب المبنى.
عموماً هدأت من روع الحاج حسين وطلبت منه أن يمنحنى بعض الوقت للتدخل فى
الأمر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، وكان الوقت بالفعل ضيق ، فليس أمامى إلا ساعات
قليلة من الليل لأجد حل لهذه المشكلة ، فأسرعت بالاتصال بأحد القيادات بالهيئة
العامة للبترول وشرحت له الأمر ، ووعدنى بالتدخل لحل تلك الأزمة ، فالجميع فى
إدارة التدريب كان ينتظر النتيجة ، وبعدها أجريت اتصال هاتفى بالمهندس رضا عبد
الصمد ، وكان الحوار من جانبى حاد ، واستفسرت منه كيف لمبنى معد للتدريب فى الأساس
يتم اسناده لإدارة أخرى ، فطلب منى منحه ربع ساعة وسيعود للاتصال بى مرة أخرى ،
وبعد ساعة وجدته يهاتفنى ويخبرنى بأن المبنى سيظل تابع للتدريب وأن المذكرة الخاصة
بسحبه سيتم تمزيقها ، فاتصلت بالحج حسين وقلت له بالحرف الواحد " نام وأطمن
يا حج حسين القرار اتلغى "
و كان هناك أحد القيادات بالشركة ممن شاركوا فى قرار سحب الأكاديمية مقرب
منى ، وعقب تدخلى وإلغاء القرار غضب جداً وظل لفترة طويلة لا يتحدث معى حتى تصالحنى
منذ عامين تقريباً ، وها هو مبنى الأكاديمية التابع للدولة ولا يتبع أحد بشخصه ، يتحول
إلى واجهة تستقبل كبار المسئولين وتحتضن مؤتمرات وندوات كبيرة ، فضلاً عن أنه أصبح من مراكز التدريب الهامة الذى أضاف
الكثير لقطاع البترول فى هذا الشأن ، ولكنى الآن أجلس فى بعض الأحيان مع نفسى
لأطرح السؤال ، ماذا لو كنت وقتها لم أتدخل فى الأمر وتم سحب الأكاديمية بالفعل من
إدارة التدريب ؟ ، مجرد سؤال لعل إجابته توضح للبعض ما هو القصد من وراء كتابة هذا
المقال الذى كتبته على مضض ورغماً عنى.
وأنا هنا ويعلم الله وحده ، لا أبحث من وراء هذا المقال أن يعرف أحد بأننى لى
دور كبير فى أن يظل هذا المبنى تحت إدارة
الموارد البشرية ، فالفضل كله لله وحده الذى يدبر كل الأمور ، ولكننى فقط آثرت أن
أضع خط تحت عبارة ربما يفهما البعض وربما سيظل القطاع الأكبر يبحث عنها بين ثنايا كلمات
هذا المقال.
وللحديث بقية إذا كان فى العمر بقية
